| |||
عندما كتبنا للمرة الثانية عن مُركَّب "جور 19" تباينت تعليقات القراء بين الإشادة من جانب، والعتاب من جانب آخر، الذين أشادوا دعوا بأن يفتح الله لنا آذانا صما ويستجيب المسئولون لما ننشر ويطبقوا هذا المركب، أما الذين عاتبوا فقد طلبوا منا مزيدا من التوثيق للموضوع من أرض الواقع. وتفاعلا مع هذه التعليقات ذهبنا إلى محافظة الإسماعيلية شرق القاهرة، حيث يعيش مبتكر المركب وتوجد الأراضي التي تطبقه، لنكتب عنه للمرة الثالثة لعل الله يستجيب لدعاء من أشادوا، ونكون قد نجحنا في أن نرضي الذين عاتبوا. كانت نقطة الانطلاق في مهمتنا هي التعرف على رحلة إنتاج هذا المركب الذي يرفع إنتاجية فدان القمح بنسبة 30%.
ذهبنا مع مبتكره المهندس الزراعي علي عاشور نحو بحيرة التمساح بقناة السويس، حيث يذهب دائما لاستخراج الطحالب التي تستخدم في إنتاجه. وبينما هو يشرف على عملية استخراج الطحالب بمساعدة بعض الصيادين أوضح أن هذه البحيرة تكاد تكون الوحيدة بمصر التي يوجد بها الطحالب المستخدمة في إنتاج المركب، بالإضافة إلى منطقتي شمال جدة بالمملكة العربية السعودية، ومنطقة صلالة جنوب غرب سلطنة عمان. وأشار إلى أن هذه الطحالب تنتج طوال العام، لكن فصلي الاعتدالين الربيعي والخريفي هما الأنسب لنموها، كما أنها تحتاج إلى بيئة خاصة تسمح بنموها وتكاثرها، ومن أهم شروط تلك البيئة هو عدم وجود تيارات مائية شديدة تجرف الطحالب، مما يجعل بحيرة التمساح بيئة ملائمة للنمو. بحيرة التمساح تكفي وبرغم أن بحيرة التمساح تكاد تكون الوحيدة بمصر التي ينمو بها الطحالب، فإن المهندس علي عاشور أكد أن ذلك لا يقف بأي حال من الأحوال أمام إنتاج المركب على نطاق تجاري. وعن مدى تفاعل الجهات الرسمية مع ابتكاره رد المهندس عاشور بكلمة واحدة: "لا شيء"، وقال: "كل ما حدث أن مسئولاً من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي اتصل بي بعد الموضوع الثاني الذي نشر عن الابتكار، وأكد أن الوزير مهتم باختراعي، ولكن حتى الآن لا توجد نتيجة ملموسة"، وأضاف: "أنا لا أسعى للربح، ولو كان ذلك هدفي لقبلت بالعروض التي تلقيتها لشراء فكرة الاختراع من باكستان والصين وسوريا، لكني أريد خدمة بلدي وحل مشكلتها مع القمح". الحقيقة عند المزارعين وإذا كان ذلك هو هدف المهندس عاشور، فهل للحكومة المصرية هدف آخر؟ يبدو كذلك لأني بعدما استمعت لكلامه ذهبت معه إلى الأراضي التي تطبق اختراعه، فكان حجم سنابل القمح وشكل الحبة نفسها يؤكد أن هناك فرقا أحدثه المركب داخل الأرض، دلفنا في البداية لمزرعة الدكتور رمضان ثابت أستاذ المحاصيل بكلية الزراعة جامعة عين شمس الذي قال: "أنا كأستاذ متخصص في المحاصيل أقول لك إننا أمام مركب سحري"، مشيرا إلى أنه طبقه وزادت الإنتاجية إلى 25% في السنة الأولى، ثم تصاعدت بعد ذلك طوال السنوات الثلاث الماضية. ونفس الكلام أكده المهندس ناجي محمود بمديرية الزراعة بمحافظة الإسماعيلية، وبلهجة حماسية قال: "نحن أمام معجزة"، أما المهندس محمد حسين الذي توجد مزرعته بمحافظة الدقهلية شمال القاهرة، فقد أشار إلى بعد آخر وهو إمكانية استخدامه مع كل محاصيل الحبوب، وقال: "استخدمته مع محصول الأرز وزاد بنسبة 47%". صحي وسهل الاستخدام ويتميز هذا المركب إلى جانب ذلك بأنه صحي 100%، ويمكن استخدامه بسهولة.. كما أكد المزارعون فلم تحدث أي مشاكل في هذا الإطار منذ تطبيقه، ولا يحتاج لتعقيدات في الاستخدام، حيث يخفف كل "100" سم من المركب ب 150 لترا من المياه، ثم يرش على المحصول النباتي، وهذه الكمية تكفي لمساحة فدان. السر عند ابني وما بين تأكيد المزارعين قيمة الاختراع وتجاهل الدولة له، انتابتني حالة من القلق والخوف، وأخذت أدعو بصوت مرتفع أن يمد الله في عمر المهندس عاشور عسى أن يأتي اليوم الذي تنتبه الحكومة المصرية لاختراعه. وبرغم أنه فقد الأمل في أن يحدث ذلك قائلا: "كنت أعمل بإدارة التقاوي بمديرية الزراعة بالإسماعيلية ولم يلتفتوا لاختراعي، فهل سيلتفتون إليه بعدما أحلت للتقاعد". لكنه في نفس الوقت حرص على طمأنتي وقال لي بينما كان يودعني: "سأضع سر الاختراع عند ابني، لعل الظروف تكون أفضل مستقبلا". |
Friday, April 25, 2008
"جور 19".. خذ الحقيقة من أفواه المزارعين
Subscribe to:
Posts (Atom)